الصوماليون ومكارم الأخلاق

حين تقرأ التعليقات والرسائل القصيرة المنشورة في مواقع التواصل الصومالية، فانك تحقق أن مكارم الأخلاق في خطر، وتتأكد أن ما تم تدميره خلال سنوات الحرب لم تكن الأبنية ، وهياكل الدولة فحسب، وانما أيضا الهوية والثقافة ومكارم الأخلاق وهو ما أدى الي ذوبان قطاع عريض من الشعب الصومالي في بحار العولمة التي وضعت الثوابت الأخلاقية للأمة في مهب الريح، وجعلت من يتمسك بها كالمغرد خارج السرب، أو متخلف تكفيري غير قادر على مواكبة المستجدات العلمية والفلسفية التي تشكك النظريات القديمة وتدعو الي اعادة النظر في ما كان خلال حقبة الأجداد ضمن الأخلاق النبيلة ممنوع الاقتراب منها أو المساس من قدسيتها.

في السنوات الأخيرة، بات شبابنا على شفا جرف ولا سميا الفئة المصنفة ضمن الشرائح المثقفة، لا ترضى للأمة الخلق النبيلة وترضى لنفسها الرذائل. تعبد الجاه والنضارة، وتقلد الغرب والشرق ولا تقتبس منهما الا الهوامش، لا ترى غضاضة في تمجد السفاحين الذين سنوا الخراب والتقتيل وتعدها من باب نشر ثقافة السلام، واذا ما انبرى أحد للوعظ، والنهي عن الانجرار وراء تلك السراب، تقول لست ربا ولا بعثت رسولا.

من هنا لا بد أن نشير بالبنان الي أهمية مكارم الأخلاق، فهي المدرسة التي تخرج منها الرجال والأ بطال الذين عرفتهم التاريخ بالحكمة وحسن السياسة والادارة، وهي التي فرخت أجيالا ترعرعت في ظلال القرآن، ونشرت في آفاق الكون العدل والسلام، ومن أجلها بعث الله رسوله محمد ليجعل ختامها مسك، انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق، وقال عنها الخوا رزمي، عالم الر يا ضياث عندما سئل عن الانسان:

اذا كان الانسان ذا أخلاق فهو=1

واذا كان الانسان ذا جمال فاضف الي الواحد صفرا=10

واذا كان ذا حسب ونسب فاضف سفر ا اخر=100

واذا كان ذامال فاضف سفرا اخر=1000

فاذا ذهب العدد (واحد ) وهو الأخلاق ذهبت قيمة الانسان وبقيت الأصفار.

أن القيم الأخلاقية موضوعية وذلك يعني أن في طبيعة الفعال والأشياء صفات تجعلها خيرا أو صفات تجعلها شرا والعقل هو يدرك ما في الفعل من خير وشر ومن حسن أو قبح ، كما يرى إميل دوركايم مؤسس المدرسة الاجتماعية الفرنسية إن القيم الأخلاقية من صنع الضمير الجمعي الذي يجسد مطالب المجتمع . وكما يرى المعتزلة ان الله تعالى أوجد الحسن والقبح في الأشياء والأفعال ومهمة العقل هي الكشف والتميز بين الحسن والقبح وبذلك فان الخير أو الشر يكون الصيغة الموضوعية التى يحملها الفعل.

 وتعتقد المدرسة العقلية إن ماهية الشيء هي التي تفسر قيمته فالعقل يدرك ويميز بها لضرورة تقتضيها ماهية الشيء وهي التي تجعل حمتا عليه حكما ضروريا لا يخضع إلى الزمان وإلا كان حكما ممكنا. فالقيمة الأخلاقية موضوعية وهذه الموضوعية تفرضها ماهية الشيء الذي هو القيمة الأخلاقية لدى المجتمع. لذك ينبغي لكثير من حملة الثقافة المستوردة أو المعجبيين بها اعادة النظر في مآلات أفكارهم التي باتت تزعزع أركان الاخلاق و الهوية الاسلامية. فقد ساهم كثير من دعاة الحداثة في اثارة البلبلة والاضطراب في أفكار، ومعتقدات الجيل الصاعد عبر التشكيك في مواقف السلف ازاء بعض المسائل الدينية، كالمسائل المتعلقة بالترحم على الكفار وطلب المغفرة له حتى بلغ الأمر لدى البعض الي الدعاء لمنديلا بجنات الخلد. فهذه الافكار لاشك، تحطم الجدران التي تحمي حياض الدين ومن أساس هذه الجدران، مكارم الأخلاق.

صحيح أن الناس مختلفون في أحكام الخلاق والواقع يثبت ذلك  لكن لابد أن يكون هناك  أخلاق مقدسة لا يجوز الاقتراب منها والا تضيع الأمة ويصبح حالها  كخبر كان. فهذه الأخلاق لها دور محوري في سعادة المجتمع وتقدمه ورقيه  وانسجامه، وأن أي خلل فيها، يؤدي إلى خلل في المجتمع وفسادهورحم الله من قال: ﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪﺕ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻓﺴﺪﺕ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ، ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪﺕ العقيدة زال تعلق المسلمين بربهم وحينئذ صاروا أضعف الأمم. 

 

زر الذهاب إلى الأعلى