مؤتمر جروي للتشاور: هل يكون طوق نجاة للحكومة المركزية؟

يأخذ المشهد السياسي المتأزم في الصومال  منحى جديدا بعد أن دخل على الخط عامل مهم غاب عن المشهد أو على الأقل انخفض تاثيره بشكل لافت خلال العامين الأخيرين وخصوصا بعد تولي الرئيس محمد عبد الله فرماجو مقاليد الحكم عام 2017 يتمثل في المجتمع الدولي ولاسيما الدول الغربية أو العربية المهتمة  بالشأن الصومالي، وهذا العامل كان له  الكلمة الأخيرة لكل المحطات السياسية التي مرت عليها الصومال منذ الإطاحة بنظام سياد بري عام 1991، الأمر الذي يفتح في الوقت الحالي الباب واسعا أمام امكانية حدوث تحولات كبيرة وانفراجة للأزمات السياسية والأمنية الراهنة بالبلاد.

اجتمع سفراء الولايات المتحدة، وبريطانيا،  والسويد،  والنرويج،  ومصر،  والمملكة العربية السعودية لدى الصومال كل على حدا ، خلال الأيام الماضية ، عددا من رؤساء الولايات الاقليمية ، والقيادات السياسية المعارضة لحكومة الرئيس محمد عبد الله  فرماجو سواء في مقديشو أو العاصمة الكينية نيروبي، وجرى خلال اللقاء بحث الأوضاع السياسية الأمنية في الصومال، وانتخابات عام 2020 ودور المجتمع الدولي في كل تلك المسارات.

رغم التكتم الشديد حول  حقيقة ما دار  وراء الكوليس، لكن بعض المصادر تشير إلى أن الجانب الصومالي عرض على السفراء لعب دور أكثر فاعلية في المشهد السياسي في الصومال وبالذات فيما يتعلق بالخلافات التي طالت أمدها بين الحكومة المركزية وقوى المعارضة. وأضافت المصادر أن السفراء عبروا عن عدم ارتياحهم لمجريات الأحداث في الصومال، مؤكدين في الوقت ذاته حرصهم على سيادة البلاد واستقلاله وعدم رغبتهم في التدخل في شؤون الصومال الداخلية.

يعطي هذا التطور الجديد إشارات واضحة أن شرعية الحكومة المركزية على الأقل في نظر المجتمع الدولي، ينتابها الاهتراز وتقبل على مرحلة جديدة قد تغير مجرى الأوضاع السياسية في البلاد والتي كانت مدار العامين الماضيين في يد الحكومة المركزية تتحكم دفتها كما تشاء بدون منازع حقيقي، وأن قوى المعارضة بعد أن استنفذت كل الطرق والوسائل في الحوار لتغيير سياسات الحكومة الصدامية والاقصائية تبدأ باللجوء إلى  عامل المجتمع الدولي آملا في أن يساهم في تخفيف الاحتقان السياسي ، وانقاذ المسار الدايمقراطي ؛ لأن المجتمع الدولي يعد راعيا أساسيا للعملية السياسية في الصومال وصاحب الكلمة الفاصلة للنزاعات بين الفرقاء السياسيين.

بناء على المعلومات المتوفرة، التقطت الحكومة الرسالة وفهمت خطورة الوضع وشرعت في تحرك سياسي لتدارك الموقف واستعادة زمام المبادرة، لقد شهد القصر الرئاسي مطلع هذا الأسبوع لقاءات واجتماعات مغلقة بين الرئيس محمد عبد الله فرماجو ورئيس الوزراء خيري لم تتضح بعد فحوها والقضايا التي نوقشت فيها غير أن بعض المصادر رجحت بان الأجتماع بحث سبل التعامل مع التطورات السياسية الأخيرة ومشاركة اجتماع تشاوري بين الحكومة والولايات الاقليمية الذي دعا  رئيس ولاية بونت لاند سعيد عبد الله  ديني إلى عقده في مدينة جروي في الثاني من شهر مايو الجاري، بالإضافة إلى حل الخلاف بين غرفتي البرلمان، ومجلس الشيوخ ومجلس الشعب، وامكانية اجراء تعديل وزاري في حكومة خيري لإرضاء بعض العشائر والقوى السياسية الممتعضة.

وبالفعل شرعت الحكومة في تنفيذ جزء من مقررات تلك الاجتماع، واستقبل الرئيس محمد عبد الله فرماجو رئيسي مجلس الشيوخ عبدي حاشي ورئيس مجلس الشعب محمد مرسل في القصر الرئاسي بهدف ايجاد حلول للقضايا مثار الخلاف بين الطرفين وردم الجفوة بينهما، في حين لم تعلن الحكومة بعد موقفها من المؤتمر الذي دعا إليه رئيس بونت لاند سعيد دني والذي قد يكون طوق  نجاة لها.

مهما يكن موقف النظام في مقديشو من هذا الإجتماع الا أن الحقائق على الأرض تشير بأن الحكومة المركزية في وضع حرج وتحتاج إلى خطوات جريئة لانقاذ البلاد والحفاظ على المكتسبات والتقدم المحرز خلال الأعوام الماضية في  المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.

زر الذهاب إلى الأعلى