الرئيس الصومالي مطالب بتعزيز الثقة في القانون

لا يمكن تناول أخبار الصومال الأخيرة، بدءاً بالهجوم المميت لمسلحي حركة “الشباب” على مجمع الأمم المتحدة في يونيو الماضي، وصولاً إلى القرار الذي اتخذته منظمة أطباء بلا حدود بالانسحاب من البلاد في أغسطس الماضي، ثم مجزرة الشهر الماضي في مركز تجاري في كينيا التي أعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عنها، من دون التحدث بطريقة ما عن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود.

لم يكن قد مضى عام واحد على توليه الرئاسة، حتى أصبح الرئيس الصومالي محبوب الغرب، وكان له أول حكومة صومالية معترف بها رسمياً من قبل الولايات المتحدة منذ عام 1991، على الرغم من أنه لا يسيطر سوى على جزء صغير من البلاد.

لكن الصوماليين يعتقدون أنه ليس لديه العزم على قيادة البلاد، ولا قوة التحمل للوقوف في وجه زعماء الحرب الذين ساهموا كثيرا في الحرب الأهلية، ولا زالوا يهيمون على البلاد. وكان رئيس الوزراء الصومالي السابق، علي محمد جيدي، قد اطلق عليه وصف “المبتدئ المفتقر للكفاءة“.

وعل سبيل الإنصاف، فإنه لا شيء يقوم به محمود سيرضي جميع الصوماليين.

ولقد انتابني القلق عندما اضطرت منظمة أطباء بلا حدود لمغادرة الصومال بعد مقتل اثنين من موظفيها في ديسمبر 2011. والأمر المروع هو أنه تم التعرف على القاتل: أحمد سالاد فاري العامل السابق في منظمة أطباء بلا حدود.

وأدين السنة الماضية وحكم عليه بالسجن 30 عاماً. ولكن في ظروف غامضة، أمرت لجنة من قضاة الاستئناف بالإفراج عنه، بعد أن قضى في السجن حوالي ثلاثة أشهر من محكوميته.

وقال مصدر حكومي إن الحكومة الصومالية لم تفتح تحقيقا علنيا بل لم تجر تحقيقا داخليا، وإن فاري يعيش علنا في غوريل، مسقط رأسه وسط الصومال منذ إطلاق سراحه، على الرغم من أن رئيس المحكمة العليا وقع على مذكرة اعتقال جديدة بحقه.

خسارة المصداقية

وكان من المتوقع من رئيس دولة مختلة مثل الصومال التحرك بمزيد من الهمة لتعزيز الثقة في حكم القانون. لكن محمود لم يفعل ذلك. وهذا ليس نقصه الوحيد، فقد فقد مصداقيته أمام البلدان المساهمة بقوات بعثة الاتحاد الإفريقي، وعديدها 17700 عنصر، التي تعمل على دعم نظامه. واتهمت مجموعة مراقبة الأمم المتحدة مساعدين له بسلب البنك المركزي.

وفي بلد تمزقه عقود من الحروب، فإن عدد المتسولين السياسيين الذين يبحثون عما يغذي طموحاتهم كبير جدا إلى درجة يصعب فيها تعدادهم. ومن بين الادعاءات ضد الرئيس محمود، هناك التزوير وشراء الأصوات خلال انتخابات الرئاسة السنة الماضية. ومزاعم علي خليف جلايد، عضو البرلمان ورئيس الوزراء السابق، أن محمود لديه اتصالات مع حركة الشباب.

ويستحيل معرفة ما إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، لكن هناك سؤالاً أهم، وهو: ما هي الإجراءات، إن وجدت، التي سيتخذها الرئيس الصومالي بالنسبة لشيخ حسن ضاهر عويس، الذي يقبع الآن في عهدة الحكومة بعد فراره من معقل حركة الشباب في بروة؟ هل سيقدم إلى المحاكمة يوماً ما؟ أم يسلم إلى الولايات المتحدة التي عرفته بالإرهابي، أو إلى أثيوبيا وكينيا التي ترغب بسؤاله عن نشاطاته المتعلقة بالإرهاب؟

نور الدين فارح

المصدر- جريدة البيان الاماراتية

زر الذهاب إلى الأعلى