التكلفة المتعاظمة للقرصنة البحرية

عبدالجليل زيد المرهون-

    في تشرين الأول أكتوبر 2013، قدرت شركة (Risk Intelligence)، التي تتخذ من الدنمرك مقراً لها، أن عصابات القرصنة البحرية سرقت 117 ألف طن من المنتجات النفطية، قيمتها حوالي مائة مليون دولار في خليج غينيا، وذلك منذ العام 2010.

 في تقرير أصدره في 11 نيسان أبريل 2013، قال البنك الدولي، إنه نظراً لحجم ظاهرة القرصنة البحرية الدولية، ونطاقها الجغرافي، والعنف المرتبط بها، فإنها تكلف الاقتصاد العالمي حوالي 18 مليار دولار سنوياً، تتوزع بصفة أساسية على ثلاثة بنود

ووفقاً للمكتب الدولي للملاحة البحرية، فقد وقعت في خليج غينيا كل حوادث خطف الأطقم البحرية، المسجلة عالمياً، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2013. وكان منها 32 حادثاً قبالة الساحل النيجيري، واثنان قبالة توغو.

وفي تقرير أصدره في 11 نيسان أبريل 2013، قال البنك الدولي، إنه نظراً لحجم ظاهرة القرصنة البحرية الدولية، ونطاقها الجغرافي، والعنف المرتبط بها، فإنها تكلف الاقتصاد العالمي حوالي 18 مليار دولار سنوياً، تتوزع بصفة أساسية على ثلاثة بنود هي: الحراسة والحماية الأمنية الخاصة على متن السفن، العمليات البحرية للأساطيل الدولية، والوقود الإضافي الناجم عن السرعة العالية الاضطرارية للسفن التجارية و(أو) اضطرارها لسلوك طرق أطول لتفادي التعرض لهجوم محتمل من قبل القراصنة.

كذلك، تجلت بعض التداعيات المباشرة لتفشي القرصنة في ارتفاع رسوم التأمين على البواخر التجارية.

وفي المحيط الهندي، تمثلت التداعيات الأخرى المصاحبة في عزوف بعض القوافل عن مسار باب المندب – السويس، والسير عوضاً عن ذلك باتجاه رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي يعني ارتفاعاً في كلفة الشحن، وزيادة في المسافة والزمن اللازم قطعه، لوصول القوافل من المنطقة إلى مقاصدها في أوروبا والأميركيتين.

وفي مقابل هذه الخسائر والتكاليف الفادحة، لا يتجاوز المتوسط السنوي للفدى التي يحصل عليها القراصنة ال 53 مليون دولار، وفقاً للحسابات التي جرى اعتمادها منذ العام 2005.

وقد هبط حجم الأموال التي دفعت كفدى للقراصنة عام 2012 بنسبة 80%، حيث قدرت جبايتهم بنحو 31.75 مليون دولار، مقارنة ب 159.62 مليون دولار عام 2011.

وكان قد تم في الفترة بين العام 2005، وأوائل عام 2013، القبض على نحو 3741 من أفراد الأطقم البحرية من 125 جنسية مختلفة، لفترات احتجاز بلغت 1178 يوماً. وتوفي ما يصل إلى 97 بحاراً أثناء الهجمات، وفي الاحتجاز بسبب سوء المعاملة، أو أثناء عمليات الإنقاذ.

وفي 20 تشرين الأول أكتوبر 2013، وفي إطار مواجهتها مع عصابات القراصنة، أعلنت القوة البحرية المشتركة، المكلفة بالتصدي للقرصنة في المحيط الهندي، أنها اعتقلت تسعة صوماليين، يشتبه في أنهم شاركوا مؤخراً في تنفيذ هجومين.

وقالت القوة المشتركة، في بيان نشرته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون): إن القراصنة التسعة اعتقلتهم سفينة أسترالية على بعد حوالي 500 ميل بحري (900 كلم) عن السواحل الصومالية، وكانوا على متن زورقين، وقد جرى تدميرهما.

وانطلقت عملية البحث عن هؤلاء القراصنة بعدما تعرضت ناقلة النفط (ايلاند سبلندور) لهجوم، تم خلاله تبادل لإطلاق النار مع المهاجمين.

وبعد ثلاثة أيام على هذا الحادث، تعرضت سفينة صيد أسبانية لهجوم يشتبه في أن نفس القراصنة يقفون خلفه.

 وتقدر مساحة المناطق التي تتأثر بنشاط القرصنة في سواحل الصومال وخارجها بأربعة ملايين كيلومتر مربع.

وشهدت السنوات الأربع بين عامي 2008 – 2012، طفرة كبيرة في حوادث القرصنة المبلغ عنها في غرب المحيط الهندي عامة، وبحر العرب على وجه الخصوص، سيما المياه المحاذية لشواطئ الصومال.

ووفقاً لقوة المهام البحرية العاملة في المحيط الهندي، فقد وقع 36 هجوماً مؤكداً للقراصنة في العام 2012، مقارنة ب 176 هجوماً عام 2011. وتم الاستيلاء على خمس سفن فقط، انخفاضاً من 25 سفينة في العام 2011، و27 سفينة عام 2010.

وقد فرضت البنية الجغرافية لمنطقة المحيط الهندي نفسها بشدة على مقاربة أمن الملاحة البحرية فيه، فهي بنية تتسم بشيء من التعقيد، أو لنقل بالتداخل الكبير بين مكوناتها.

وبموازاة ذلك، أدى الغياب طويل الأمد للاستقرار السياسي والأمني في الصومال إلى اضطراب حالة الأمن في الذراع الغربي لبحر العرب، سيما قاطعه الجنوبي، الأمر الذي أثر بصورة مباشرة على مقاربة أمن الملاحة، وبالتبعية أمن الطاقة النفطية، في سياقها الإقليمي كما الدولي.

كذلك، رمت أوضاع الصومال بتداعياتها على شريان الحركة في مضيق باب المندب، وعكست نفسها تالياً على أنشطة الملاحة في قناة السويس، المرتبطة عضوياً بهذا الشريان.

ويعتبر إقليم بونت لاند، الصومالي، المركز الأساسي لانطلاق عمليات القرصنة في بحر العرب ومناطق أخرى في المحيط الهندي. ويعتقد أن مشكلة القرصنة من المشاكل الرئيسية التي يمكن أن تؤدّي إلى تفكك هذا الإقليم سياسياً وأمنياً. وإن عصابات الجريمة في بونت لاند ليست متورطة في القرصنة فقط، بل أيضاً في نشاطات من قبيل تهريب البشر.

وتتخذ حالياً العديد من السفن العابرة خليج عدن المزيد من الخطوات لتجنب تعرضها للهجوم فيه، فتمر عبر مناطق خطيرة في الليل، وتستخدم الأسلاك الشائكة لتصعب على المهاجمين اعتلاءها، كما تزيد عمليات المراقبة.

وبينما يتيح استقرار الأحوال الجوية للقراصنة مهاجمة حركة الشحن في خليج عدن على مدار العام، فان الرياح الموسمية التي تهب مرتين سنوياً تحد من أنشطتهم في باقي أنحاء المحيط الهندي، لتقتصر على فترتين في السنة، من آذار مارس إلى أيار مايو، ومن أيلول سبتمبر إلى كانون الأول ديسمبر.

على صعيد الجهود الدولية، الرامية لمواجهة القرصنة في المنطقة، تشكلت قبالة سواحل الصومال، وفي مياهه الإقليمية وجوارها، قوات ومجموعات عمل عسكرية، تنتمي لعدد من الدول والمنظمات الإقليمية، أبرزها عمليتا حلف شمال الأطلسي (الناتو) المعروفتان باسم “تحالف الحماة” (Allied Protector) و”درع المحيط” (Ocean Shield). وكذلك العملية التي يديرها الاتحاد الأوروبي، والمعروفة باسم “أطلنطا” ((EU NAVFOR – ATALANTA)).

وفي الأصل، هناك عملية تنفذها الولايات المتحدة في الخليج العربي على مدار العام، بدأت منذ العام 1987، وتعرف باسم (MARLO). وقد اشتق هذا الاسم من الأحرف الأولى لعبارة (Marine Liaison Officers). وتهدف هذه العملية لحماية ناقلات النفط الماخرة في مياه الخليج ومضيق هرمز. وهي ترتبط مباشرة بقيادة الأسطول الخامس الأميركي وتموّل من قبلها. وقد توسعت مهام العملية لتشمل تنظيم خطوط سير السفن ومتابعتها، وتأمين سلامتها، ابتداء من شمال الخليج، مروراً بمضيق هرمز وخليج عُمان وبحر العرب، وحتى مضيق باب المندب، وتخوم القرن الأفريقي.

وتوجد في المنطقة أيضاً، منذ العام 2001، ما يُعرف “بالقوة البحرية المدمجة – 150” (CTF-150 ). وهي تضم سفناً متعددة الجنسيات، من تحالفٍ أقيم على خلفية الحرب في أفغانستان. ولدى هذه القوة قاعدة في جيبوتي، وتساهم فيها عشرون دولة، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والدنمرك وفرنسا وألمانيا وباكستان. وقد هدفت القوة لحماية الأمن البحري في بحر العرب، وامتداداته الشرقية باتجاه الهند.

واعتباراً من آب أغسطس عام 2008، بدأت هذه القوة في تكثيف عملياتها المرتبطة بمكافحة القرصنة، وأنشأت منطقة خاصة لتسيير دوريات بحرية وجوية لهذا الغرض. وهذا، إضافة إلى مهامها المرتبطة بمكافحة الجريمة المنظمة، وتهريب الأسلحة والمخدرات. وتتصدر الفرقاطة الأميركية بوكسر (U.S.S. Boxer)، ذات الطاقم الكبير، التي تحمل على متنها عشرات الطائرات الهجومية وطائرات الهليكوبتر، القوة البحرية المدمجة.

وفي الثامن من كانون الثاني يناير 2009، أوضح بيان للبحرية الأميركية بأنه تم إنشاء قوة جديدة ( إطار جديد) من قبل “القوة البحرية المدمجة – 150”. وقد أطلق عليها اسم (ITF-150)، وقادها الأميرال الأميركي، تيري ماكنايت. وأدى إنشاء القوة الجديدة إلى تقسيم العمل بينها وبين (CTF – 150)، حيث تقرر أن تتفرغ الأولى لمهام مكافحة القرصنة البحرية، والثانية لبقية المهام.

وإضافة لمجموعات العمل الإقليمية، جرى إرسال قوات لمحاربة القرصنة في بحر العرب من قبل عدد من الدول العربية. وكذلك من قبل روسيا والصين والهند وماليزيا وإيران وكوريا الجنوبية واليابان.

وعلى الصعيد السياسي، هناك حالياً ما يُعرف ب “مجموعة الاتصال حول القرصنة قبالة سواحل الصومال”، وهي تضم أكثر من 50 بلداً ومنظمة دولية، وقد تشكلت هذه المجموعة في كانون الثاني يناير 2009، من قبل 24 دولة، وست منظمات دولية، بهدف تنسيق رد دولي ناجع على القرصنة في مياه الصومال وجواره، إثر تبني مجلس الأمن الدولي القرار الرقم (1851) حول القرصنة البحرية في المحيط الهندي. ومنذ ذلك التاريخ، توسعت عضوية المجموعة.

جريدة الرياض

زر الذهاب إلى الأعلى