أفريقيا بلا أسود

د.محمد ناهض القويز-

أفريقيا تلك القارة البكر قد تكون هي الأرض التي خطا عليها أول البشر خطوته الأولى على الأرض. هي القارة التي يمكن لدولة من دولها أن تكون سلة غذاء العالم.

وهي القارة التي فيها المواد الخام الأساسية كاليورانيوم والبترول والذهب والألماس والحديد والفوسفات. ولكنها أيضا القارة التي يفتك بها الجهل والمرض.

وهي القارة التي بلغ فيها الفقر حدا ألجأ الآلاف من أهلها لركوب البحر في هجرة غير شرعية بحثاً عن فرص أفضل للحياة، لينتهي بأغلبهم في كل مرة للموت غرقاً.

وهي القارة التي فيها عدة دول فاشلة. كما أنها القارة التي وجد فيها الإرهاب مرتعاً خصباً في الصومال ومالي ونيجيريا وكينيا والشمال الأفريقي وسينتشر في بقية دولها.

وهي كذلك القارة التي تحتل المركز الأول في معايير الفساد السنة تلو السنة.

في اجتماع الاتحاد الأفريقي الذي عُقد في أثيوبيا هذا الشهر توقع المراقبون أن تكون أولى أولوياته هي صحة المواطن الأفريقي وتعليمه ورفع المستوى المعيشي.

أو أن يتناول ظاهرة الإرهاب التي تقتل مئات الأبرياء وسبل القضاء على الإرهاب (الإسلامي) المنتشر في أفريقيا.

ولكن المفاجأة أن تكون أول أولوياته هي مطالبة الأمم المتحدة بتأجيل محاكمة رؤساء أفريقيين متهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية (الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس الكيني أوهورو كنياتا ونائبه وليام روتو).

هل انتهت كل مشاكل أفريقيا حتى لم يبق إلا حماية القادة الذين لم يقدموا لأوطانهم مايشفع لهم بالبقاء إضافة إلى اتهامهم بجرائم ضد الإنسانية.

الدول الأفريقية رغم فقرها إلا أنها تمتلك مقومات الرفاهية لولا الفساد المستشري فدولة كزمبابوي كانت دولة غنية عندما كانت تسمى روديسيا الجنوبية رغم المقاطعة الدولية لعنصريتها، ولكن الرئيس الوطني روبرت موجابي الذي فاز مؤخراً بفترة رئاسية سابعة حولها إلى دولة من أفقر الدول الأفريقية يموت الناس فيها جوعاً، بينما تصرف الملايين لمناسبة فوزه.

القارة الأفريقية أخطأت الطريق للأسف فبينما نرى اليابان والصين والهند كدول ناجحة في شتى المعايير وبينما نتحدث عن النمور الآسيوية (كوريا وتايوان وسنغافورا وهونغ كونغ) فإننا لانرى أسوداً أفريقية إلا في الأدغال باستثناء جنوب أفريقيا.

القارة الأفريقية تسمى القارة السوداء ولعل المأساة أن مستقبلها كذلك أسود.

جريدة الرياض السعودية

زر الذهاب إلى الأعلى