ما الخطأ في تعريف ” المواطن” في جمهورية الصومال؟

أدركت منذ نعومة الاظافر أن تطبيقات مقولة La joojiya banaan, la jiifiyaa baan الذائعة الصيت هي أم كل المصائب طولا وعرضاً وعبر الزمن والتاريخ في المتجمع الصومالي.
كما أنها مربط التخلف الحضاري الذي ينهش عقل وجسم الانسان الصومالي السقيم.
لهذا السبب الوجيه أمقت مقتاً شديداً تطبيق نظرية الكيل بميزانينلصالحي او لصالح القادرين على ممارسة الضغط علي هذا البعد الفقير الي رحمة ربه.
ولقبي بين أندادي أيام الطفولة والشباب هو Axmadey Qanuun واختصاراً Qanuun، والالقاب في المجتمع الصوماللعلمك الخاصتشير دائماً الي صفة اختص بها حامل اللقب، أو خاصية من خصائصه الجسدية واترك لك تفسير محتوي ذلك اللقب.
ارتاح جداً لقول الحق ولو ضد نفسي ما لم يكن هناك تهديد لحظي لوجودي!
لا افعل ذلك لكوني إنسان سوبر مثالي و انما هرباً من ويلات الضمير اليقظ الذي قد لا يسامحني قبل توقف نبض القلب.
لا أظن انكِ وجدتني ملتبساً في جريمةالكيل بميزانينفي العلاقة بين دعوتي الي تعريف من هو المواطن في جمهورية الصومال وانشراح صدري بمناسبه تولي سيدة صومالية تحمل جواز سفر أجنبي أحد مراكز صنع القرار في حكومة بلادي.
قبل أن اكتب مقال الدعوة لتعريف من هو المواطن في جمهورية الصومال كنت أعلم جيداً، كما يعلم الملايين من غير أن أغلب من يحتلون مراكز صنع القرار في الحكومة الحالية، كما في كل الحكومات التي شكلت بعد انهيار النظام في عام1991 يحملون في جيوبهم جوازات سفر اجنبية.
وتعيين السيدة/ يُسُر أبرار في موقعها الحالي أتي على نفس المنوال الذي حدد مناصب من سبقوها في مناصب الدولة العليا.
ولا أحتاج أن اذكرك بديهية مفادها: أن لا احد في الكون يستطيع وفق المنوال المعمول به لتيسير دفة هذه الحكومة الأن أو حتي في القريب المنظور.
لا رئيس الجمهورية، ولا نواب البرلمان يستطيعون فعل ذلك!
السبب في ذلك يعود الي طبيعة الظرف الاستثنائي التي يمر به الوطن في هذه اللحظة.
ومحاولة استبدال هذا المنوال بمنوال أخر تحت هذا الظرف وفي هذا الوقت الحرج لا يمكن ان يعني سوى العودة الي مرحلة الصفر، وبداية حرب عشائرية جديدة.
مناقشة قضيةمن هو الموطن في جمهورية الصومالمع التأكيد على عبارةجمهورية الصومالالتي طرحتها الي بساط المناقشة على مستوي القراء المهتمين بشأن الوطن ستظهر الي السطح بقوة ودون ادني شك فور انتهاء حرب وتفجيرات الإسلام السياسي مقروناً بحل صراع العشائر البدوية حول السلطة وبداية اعادة ترتيب بيت جمهورية الصومال من الداخل.
التفكير في الغد و ما في بطن الايام من مفاجئات والاستعداد للوقاية من شرورها غريزة بيولوجية يتصف بها كل من الحيوان والانسان، هذا مع افتراض انك ممن يعتقدون بأن الانسان لا ينتمي الي مملكة الحيوان!
فالعصافير لا تبني أعشاشها في موسم التكاثر، وإنما تجهز ذلك قبل موسم التزاوج استعداداً للوقاية من معوقات حماية البيض، فقس الكتاكيت، تغذيتها، وتدريها على الاعتماد على نفسها .
يعني الكلام أعلاه ان العصافير تفكر سلفاً في تحديات المستقل وتستعد له حتي لا تأخذها الأيام على حين غرة.
وكاتب هذه الاسطر لم يفعل أكثر مما تفعل العصافير، فدعى الي عدم اغراق كل تفكيرنا في قضايا الساعة فقط، بل الالتفات أيضاً الى تحديات المستقبل المنظور، ومناقشة افضل الحلول لمشاكل الغد الآن وقبل أن تأخذنا الأيام على غفلة.
لم يكن لجبهة USCالتي استولت على العاصمة عقب هروب رئيس البلاد، أي تصور مسبق ولو ضئيل لتحديات الغد، ولا لكيفية تقاسم السلطة عقب الاستيلاء على الحكم، ولا برنامج مدروس ومتفق عليه لتسيير دفعة الحكم.
هذا يعني أنهمرغم أنف الرتب العسكرية اللامعة على اكتافهملم يكونوا أعقل من جماعةيحلها ربنا عندما نوصلوكأن ربنا لم يعطهم عقل مثل عقل العصافير التي تفكر في الغد قبل حلوله، فكان هلاك الشعب والوطن.
كان تعليق بعض قراء المقال الاعزاء على صفحتي في الفيس بوك على النحو التالي :
هذه القضية ليست قضية الساعة، وبذلك لا تستحق المناقشة ووجع الرأس الآن، هناك قضايا أكثر و اولي بالاهتمام.
هم ( أي اصحاب الهرب من وجع الراس) يفعلون ذلك لآن محيطهم الثقافي عودهم على التفكير في ايجاد حلول للمواضيع الآنية لا غير.
هم لا يذهبون الي السوق قبل حلول موعد الغذاء، وقبل ان يقتلهم الجوع ، ولا يذاكرون الدرس طوال العام بل في أيام الامتحانات.
تجليات ثقافة عدم وجع الدماغ في أمر الغيب، ومقولة: دع الأيام تفعل ما تشاء، وطب نفساً اذا حكم القضاء! دعوة جلية لعدم أعمال العقل في تحديات المستقبل.
من صفاة المغترب المحب لشعب بلاده البائس ميله لعاطفي الى نقل كل ما هو جميل في بلاد الغربة الي وطن بني جلدته أملاً منه في دفع الناس للتوجه نحو غد أفضل.
في محل اقامتي تطرح كل المسائل المتعلقة بحاضر الوطن ومستقبلة على بساط النقاش الشعبي للحوار عبر قنوات التلفزيون، الاذاعة، والصحف ، مواقع الانترنت، وكذلك في أماكن العمل والترفيه.
تُقتل المواضيع على البساط النقاش فحصاً، بحثاً، نقداً، و تمحيصاً.
و يستعر النقاش حولها على المستوي الشعبي لشهور وربما لسنين، ثم ترفع للبرلمان ليناقشها من جديد، ولإصدار الكلمة الاخيرة في المسألة محل النقاش.
هذا يعني ان البرلمان لا يفاجئ المجتمع بقرارات في مسائل لم تناقش مسبقاً على المستوي الشعبي!
فموضوع الهجرة واللجوء على سبيل المثال كان موضعاً على بساط النقاش يوم وصولي الي هذا البلد الأمين، ولا يزال يناقش على كل المستويات حتي يومنا هذا.
وينصرف نفس القول على مواضيع مثل الطاقة النظيفة، حماية البيئة، حال الطلبة في المدارس، مشاكل سن التقاعد، تسليح الجيش، الضرائب، الطرق، والبطالة والتدريب.
مناقشة تحديات المستقبل علناً تزيد من شعور الفرد بالانتماء للوطن و بأن مشاركته في تسيير شأن بلادة مرغوب فيها، وان القرار الصادر من البرلمان هو فعلاً قرار يعبر عن رأي أغلبية الشعب فيتقبل ذلك بصدر رحب وحتي وان كان ضد مصلحته الشخصية.
كما يقلل هذا النقاش الشعبي من نسبة اتخاذ القرارات الخاطئة المستعجلة في البرلمان، ويساعد الحكومة على استشعار أولويات الشعب، والمشاكل المستعجلة و الآنية التي تحتاج الي انتباه وتركيز خاص.
يلقب هذا النوع من الحكم بالحكم الشفاف او انزال الديموقراطية الي القاع، الي اماكن عمل الناس وبيوت سكنهم، مما يولد ادارة سهلة و شفافة لدواليب الدولة فيقل الفساد وسرقة المال العام ويعرف المواطن اين صرف كل شلن من المال العام .
هذا الاسلوب في الحكم يولد الثقة بين المواطن والحكومة.
بمعنى أن المواطن يثق في الحكومة ويؤمن أنها تعمل في صالحة، وبدورها تثق الحكومة في المواطن وتري فيه مواطناُ صالحاً مفيداً لنفسه وللمجتمع من حولة.
تنتج هذه الثقة المتبادلة الاستقرار في الوطن مما يساعد على استمرار المجتمع في سعيه نحو حياة افضل.
عندما نحاول نقل بعض من الأفكار المؤسسة لهذا هذا الجميل الذي نعيشه في الغربة الي مجتمعنا المتخلف حضارياً بغرض وضعها على البساط لمجرد النقاش و النقد، و التمحيص والاثراء، تقوم قيامة اعداء النقد والنقاش، وكارهي وجع الرأس، وجماعات: ” يحلها ربنا عندما نوصلوبنى عمومتهم جماعات: ” دع الأيام تفعل ما تشاء، وطب نفساً الي حكم القضاء، واصحاب المصالح الظرفية، والمستفيدين من ضلال الاغلبية و بذلك يشتد السعي نحو احباطى أمل كل من يحاول إشعال شمعة في النفق المظلم ويستمر كل من اصحاب المنافع والمصالح الظرفية والمستفيدين من ضلال الاغلبية و تخلف شعبنا الحضاري في نهش جسد الانسان الصومال المغيب حتي فنائه من الوجود ومحو اسم بلاده من خريطة الكون.
لا اعرف تاريخ بداية التساؤل حول مسألة المواطنة في جمهورية الصومال ولعها تعود في غالب الامر الي الستينيات، ألا أنها طرحت على سباط النقاش سراً بين خريجي المدارس الثانوية منذ عام 1971 وذلك عقب صدام بين الضابط المسئول عن معسكر التدريب حلنيXalane، وخريجي المدارس الثانوية في ذلك الوقت.
أما سبب الصدام فكان تالياً لتسرب شائعات مفادها أن الضابط المسئول عن معسكر تدريبنا ليس سوى عميل للمخابرات البريطانية وذلك استناداً الي ادعائه أنه كان ضابطاً في الجيش البريطاني في كينيا قبل هروبه الي بلادنا.
فشل هذا الضابط الكبير في الكشف عن المصدر الحقيقي للشائعة، وتالية لهذا الاحباط، عاقب مجموعة من الطلبة عقباً عنيفاً استمر ثلاثة ايام لسبب واه تمثل في هروبهم ليلاً لمشاهدة عرض مسرحي في التياتر.
الهروب من المعسكر بعد غروب الشمس، لمشاهدة فلم، عرض مسرحي، او لقاء من يحب القلب كان أمر اعتيادي بين المراهقين المغرومين بالتحدي والمغامرات، الا أن عقاب الهروب ليلاً من المعسكر لا يتجاوز الحبس في زنزانة ضيقة مبلولة الارضية ومدهونة بالقار لمدة 6 ساعات لا اكثر.
بعد هذه الحادثة أتهم الطلبة هذا الضابط المسكين كل ما انتج خالهم الخصب، ومن ضمنها انه لم يكن سوي مجرد شاوش رفعته المخابرات البريطانية الي رتبة ضابط بغرض ارساله الي بلادنا وبذلك لا يستحق رتبة ضابط.
كما الصقوا عليه كل ما شاهدوا في الافلام المخابرات، وتكرموا لقب جيمس بوند، ومع الأيام تطور الهجوم على هذا الضابط الذي لجاء الي بلادنا سؤال فحواه لماذا نتدرب نحن ابناء الوطن تحت قيادة عميل للمخابرات البريطانية!
عندها وصل بحر الإشاعات الي اسماع مجلس الأعلى قيادة الثورة فأرتعت فرائصهم وخافوا على شعبيتهم التي كانت في عناء السماء فنقل هذا الضابط المسكين الذي شبع من ظلم المراهقين وسخرياتهم حتي من لكنته الي معسكر أخر لا صلة له بتدريب الطلبة، فهدأت الاقاويل الا ان نقاش من هو المواطن في جمهورية الصومال وجد ارضية خصبة في عقول وعواطف الطلبة فاستمر سراً في المعسكر وخارجة.
في ظل نظام العسكر لم يتجرأ احد على وضع هذا السؤال بصفة رسمية على بساط النقاش العلني في مجلس الشعب لأن هذا كان يعني المغامرة بالحياة ألانه أنه استمر سراً على مستوي الجلسات الخاصة، واندثر في سنين الحرب ثم ظهر فجأة على بساط النقاش في مواقع التواصل الاجتماعي مثل بال توك وفيس بوك ثم المواقع الاخبارية والادبية.
عقب هزيمة الجيش في حرب 77/78 ظهر الي السطح سؤال سياسي، اجتماعي فحواه: لما يموت اطفال عائلة من أفجوي تحت جنازير الدبابات في كارا مرطا Kara-mardha ؟
أين هم سكان كارامرطا؟ وهل يموت اطفالنا هناك بالنيابة عنهم لينعم بها اهلها بعد تحريرها بثروات، دماء وارواح اطفالنا؟ أين الحق والعدل في هذا الغباء؟
أسئلة وجيه ألا ان وضعها على بساط النقاش علناً بهذه الصراحة الفجة لا تزوج الا في المجتمعات تقديس حرية القول، والنقاش العلني والقاء الاضواء الكاشفة في الدهاليز الظلمة.
الاجابة على السؤال القائل: من هو المواطن في جمهورية الصومال، سؤال وجودي بالنسبة لنا نحن أبناء جمهورية الصومال لأنه يتعلق بماهيتنا، وشرعية وجودنا كشعب مستقل ذات سيادة ويخلق في وجداننا ازمة هوية تتعلق بتحديد من هو مالك الدار.
كما ان امكانية قيام دولة رشيدة في الصومال لا تتحقق دون الاجابة الصريحة والواضحة على ذلك السؤال الأزلي من هم صاحب البيت؟
كما أن الدولة الحديثة لا تتحقق شرعيتها الا بتعريف من هو المواطن في بلادها ومن هو الأجنبي غريب الدار والوطن.
كما يسهل اختراق أمن الدولة القومي والتلاعب في استقرارها وتهديد مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما لم تعرف تعريفاً مانعاً شاملاً من هو المواطن في ارضها، ومن المقيم حسب اللوائح والقوانين، ومن يتواجد في البلاد بأسلوب غير شرعي.
هوية المواطن واضحة ومستقرة في كل قطر من اقطار العالم، فلا احد يسأل نفسة في تونس من هو التونسي، وكذلك في فيتنام، والبرازيل، وجنوب افريقيا، وايطاليا وأينما ذهبت.
ثم قبل كل ذلك ما هو الخطأ في أن نعرف من هو المواطن في جمهورية الصومال؟
ما هو الخطأ في أن نتعرف من المالك الحقيقي للدار؟
ما هو الخطأ في ان نعرف من هو شعب جمهورية الصومال صاحب الامر والنهي في تراب جمهورية الصومال.
ما الخطأ ان تعرف الدولة الصومالية من هو شعب جمهورية الصومال الذي تحكمه، وأن تعرف من هو المقيم في البلد بطريقة شرعية، ومن المقيم بطريقة غير شرعية.
نحن ندخل جيبوتي بفيزا، فما العيب في أن اقول في مطار مقديشوا يا جيبوتاوي أين الفيزا، واين تذكرة العودة، ثم اختم على جوازه اسبوعين زيارة ليعود بعدها الي من حيث أتي؟
ما الخطأ في ذلك؟ الخطأ و العيب هو ان لا افعل ذلك.
لآن الامر في هذه النقطة امر سيادي، وحفظ لحق المواطن في بلاده.
وان كان هناك من لا يسعده تعريف من هو المواطن في ارض الصومال، فليعلم أن حليمة رفضت العودة الي عادتها القديمة.
فما الخطأ في ذلك؟

احمد عثمان

كاتب صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى